منتدى فرسان الجزائر
الفلاحة بالأندلس في عصر المرابطين 308232328
منتدى فرسان الجزائر
الفلاحة بالأندلس في عصر المرابطين 308232328
منتدى فرسان الجزائر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الفلاحة بالأندلس في عصر المرابطين

اذهب الى الأسفل 
4 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
زهرة الجنة
مشرف / ة
مشرف / ة
زهرة الجنة


انثى
العنوان : الجزائر
نقاط : 1000
شكر خاص : 3
عدد المساهمات : 664
تاريخ التسجيل : 31/05/2010

الفلاحة بالأندلس في عصر المرابطين Empty
مُساهمةموضوع: الفلاحة بالأندلس في عصر المرابطين   الفلاحة بالأندلس في عصر المرابطين Icon_minitime2010-06-28, 11:09

بسم الله الرحمن الرحيم


هذه الصناعة من فروع الطبيعيات كما قال ابن خلدون(1) ولقد حظي مصطلح فلاحة في الكتب التراثية بمكانة كبيرة، إلا أنها على مستوى المصطلح كانت تعوض بألفاظ" الأكرة"، "أهل القرى"، و"أهل الأرياف" كما أن لفظة " فلاح" ولفظة "فلاحون" لم تظهر إلا في القرن السابع الهجري، بعد سبعة قرون على تأسيس الثقافة الإسلامية على مستوى الكتاب والسنة، وتبلور المصادر الفقهية القائمة على اجتهادات الفقهاء من خلال النص الديني، والفلاحة عند ابن خلدون: "من معاش المستضعفين وأهل العافية من البدو، ولذلك لا تجد ينتحله أحد من أهل الحضر في الغالب، ولا من المترفين، ويختص منتحله بالمذلة(2).
تحتل دواوين الفلاحة بالغرب الإسلامي حيزًا كبيراً في القرنين الخامس والسادس الهجريين، عصر نهضة "المدرسة الزراعية الأندلسية" وهي تتمثل على مستوى التأليف والفكر الفلاحي في الموارد التالية:
1. مجموع الفلاحة لابن وافد.
2. كتاب الفلاحة لمحمد بن إبراهيم بن بصال.
3. كتاب المقنع في الفلاحة لأبي عمرو أحمد بن محمد بن حجاج الإشبيلي.
4. كتاب الفلاحة لأبي الخير الإشبيلي(3).
5. زهرة البستان ونزهة الأذهان للطغنري الذي أهداه للأمير أبي طاهر تميم بن يوسف بن تاشفين.
6. كتاب الفلاحة أبي زكريا يحيى بن محمد بن أحمد بن العوام الأشبيلي من رجال القرن السادس الهجري(4).
وهذا القدر الكبير من الأعمال الفلاحية في عصري الطوائف والمرابطين يجعل مؤرخي العلوم أمام ظاهرة فريدة من نوعها، حيث تقول الباحثة لوسي بولنز( Lucie Bolens ):إنَّ هذه المرحلة ؛عبارة عن ثورة خضراء كبيرة، ذات تقنيات زراعية عالية. ويشاركها نفس الرأي جورج سارطون(5)في المدخل إلى تاريخ العلوم، وقد نوه بنفسه حين صدور كتاب الفلاحة لابن بصال.
وقد ساعد مناخ الأندلس وأرضها وتربتها المتعددة على تجارب ابن بصال وابن حجاج وابن العوام، كما أن معدل تساقط الأمطار في هذه الحقبة مدار الدراسة هو بمعدل 400 و600 ملم3، مما يسمح بإقامة المشاريع الزراعية،مع تقنيات الري المتطورة ، ومن آثار العرب المسلمين في الأندلس هو هندسة الحدائق والرياض الخاصة والعامة، مما يدل على ذوق فني سليم في تنسيق الحدائق ، جمعت بين الرقة والبساطة.
لقد برع الأندلسيون براعة عجيبة في طرق الري فقال سيديو"...وجملة القول: إنَّ العرب في الأندلس أبدعوا في هندسة الري، ويدل عليه ما فعلوه في سهل وشقة(هوسطا؟)( Huesca ) التي يقسمها نهر(طونه) إلى قسمين إبداعًا يستحق معه أن يلقب ببستان الأندلس)(6).
بلغت الحضارة في الأندلس درجة مزدهرة، وكان التشجيع من طرف الملوك والأمراء دافعا للبحث والتأليف ، وميدان الفلاحة هو الآخر له علماء ومفكرين أصحاب تجارب ميدانية في الزراعة والبيطرة، ولقد كان الخلق والإبداع المنهجي الذي انطلق منه المسلمون في هذا العصر بمباشرة استثمار محيطهم بالاستكشاف والتعمير، واتحدت فيه غاية الدنيا وهي الزرع والفلح والتعمير، وهو ما يؤدي إلى المنفعة المادية، وغاية الآخرة، وهي تحصيل الثواب بالتعمير في الأرض، حيث كان علماء الفلاحة بالأندلس في قمة تطويرهم للعلوم الفلاحية والبيطرة، حيث جابوا أقطار الدنيا للبحث عن أنواع النباتات الطبية والأزهار الجيدة ، وقد تفنَّنُوا في رسم وبناء الحدائق التي اشتهر بها أهل الأندلس الذين أقاموا القرى الفلاحية والمنيات والجنات والبساتين ..
أما البستنة والحدائق العامة بالمدن والقصور فهي آية من آيات تطور الفلاحة والعلوم الخاصة بالزهور، وأنواع الأمراض التي تتعرض لها النباتات، ومن الأشجار والنباتات الطبية الواردة في كتب الطب الأندلسية شجرة يقال له الميس، وشجرة تسمى اللبان ، وثمرها عطر الرائحة ، ويحصل منها على صمغ يسمى في لغة أهل الأندلس شانسية، وهذا النوع من الأشجار ينمو في طرطوشة، وإلى جانب هذه الأشجار كانت تنبت في الغابات بعض الأعشاب التي ينتفع بها الأندلسيون، مثل نبات القوللية، الذي ينمو في قرمونة وإشبيلية، وأنه إذا دق وغسل به الثياب بيضها لأن له رغوة الصابون(7).
وبفضل السياسة التي انتهجها أمراء قرطبة الأمويون، لاسيما عبد الرحمن الداخل؛ أدْخِلَت إلى الأندلس نُظُمُ الفلاحة وأساليبُ الري الشامية، كما جلبت نباتات وأشجار مثمرة من بلاد الشام.
إن النواعير في الأندلس بنوعيها ما يعمل فيها بفعل قوة الماء، وما تستعمل الدواب في تحريكه- هي من أصل شامي ، ومن الأندلس انتقل استعمال هذه الأنماط من النواعير إلى المغرب، كما اقتبسها النصارى في شمال أسبانيا، عن طريق المستعربين، وبعد توسعهم جنوبًا كما ذهب إلى هذا توماس غليك( Thomas.F. Glick, )(Cool.
يرد غليك على مدرسة آسين بلاثيوس المتعصبة لاستمرار وجود النظم الأسبانية الرومانية، وكل الذين يقولون: إنَّ العرب لم يفعلوا شيئًا في ميدان تقنيات الري، ولهذا فإن النتائج التي توصل إليها بوتزر يجب أن يحسب لها حسابها، وعلى ذلك فإنني أتحدَّى الفكرة القائلة بأن العرب قد اكتسبوا(وربما البربر)"شهرة غير مستحقة" في إطار تجديد قاعدة الزراعة في شبه جزيرة الأندلس، فمثل هذا الرأي ينطوي على مخاطرة إحياء الإشاعة القديمة بأن الحضارة العربية، بسبب عبقريتها في التأليف بين العناصر الثقافية المتفرقة، كانت بطريقة أو بأخرى تفتقر إلى الأصالة؛ وكأن التأليف بين العناصر ليس إنجازًا ثقافيًّا خلاَّقًا ! .إن رأينا هو العكس تمامًا ، فالتشكيل بين الزراعة الهندية والتقنيات الهيدرولية الرومانية والفارسية والنظام القانوني لتوزيع المياه الذي يتضمن عناصر من النماذج البدوية العربية والبربرية والتشريع الإسلامي والأعراف الرومانية السائدة في الريف(مزيج معقد يحتاج إلى التفكيك) شكل صورة مختلفة تمامًا عن أنظمة الري الرومانية المتقدمة ، سواء في مجال استخدام المياه أو في أسس توزيعها، هذا فضلا عن نوع الاقتصاد الذي يوحِّدُ ذلك كله(9).
كما أُدخلت إلى الأندلس عن طريق الجند الشامي تربية دودة القز وصناعة نسج الحرير، وبخاصة في إقليم جيان( Jean ) شرقي قرطبة حيث أُنزل جند قِنَّسرين(10).
أدخل الفاتحون إلى الأندلس محاصيل جديدة معظمها تعتمد على الري، ومع المحاصيل الجديدة أُدخلت إلى الأندلس وسائل جديدة في الزراعة، فبعد أن كانت الأرض تظل بورًا في فصل الصيف و لا تنتج إلا محصولاً شتويا أصبحت تُستغل-باستخدام الرَّي- على مدار العام، كما أدخل الفاتحون نظام الدورات الزراعية، كزراعة الذرة صيفًا، بعد زراعة القمح شتاءً، وتطلب ذلك دراسة أنواع التربة واستخدام الأسمدة، وفيها صنف الأندلسيون كتبًا خاصة في القرن الخامس الهجري، الحادي عشر الميلادي؛ تناولت أنواعها وخصائصها، كما قام الفاتحون بإصلاح نظم الري القديمة في الأندلس، وتحسينها وتوسيع شبكتها في كثير من الأحيان، مما أدَّى إلى توفير مزيد من الماء لسقي مساحات أوسع من الأراضي، فازدادت رقعة الأرض السقوية وغلاتها، وازدادت بالتالي مداخيل المزارعين ، وأصبحت أكثر نباتًا وأقل خضوعًا لرحمة التقلبات المناخية ..
وقد أثبتت الوثائق أن مؤسسات توزيع المياه تكشف عن الدلائل الهائلة لأنظمة الري الإسلامي التي استمرت إبان الحقبة المسيحية، فكلما صادف المستردون أنظمة ري فعالة كان يؤمر بأن يستمر تشغيلها "تمامًا كما كانت تشغل في أيام العرب"، وثمة نوعان من الوثائق أثبتا أنهما من أغنى الوثائق في تقديم معلومات حول النظم الإسلامية السابقة، وهي كتب ديوان الخطط، وهي سجلات خاصة بتوزيع حصص الجند الفاتح للأرض الأندلسية المفتوحة وهل هي عنوية أو صلحية، والثاني سجلات الأملاك الخاصة بالأحباس والوثائق المتصلة بها ككتب الفقه ونوازل العصر(11).
وأدخل المسلمون إلى الأندلس نوعًا جديدًا من علف الحيوان هو البرسيم،وهو من أصل فارسي، وما زال يعرف في أسبانيا باسمه العربي الفارسي( Alfatfa ).
كما تعرض المتخصصون لزراعة القطن وقصب السكر، والقطن، والكتان والحمضيات، وزراعة القمح الصلب الذي يُعتقد أن العرب هم من أدخلوا زراعته إلى صقلية والأندلس، كما أدخلوا زراعة الذرة، ولعلهم جلبوها من بلاد السودان، وكانت في الأندلس كالشوفان في أسبانيا المسيحية وغيرها من التقنيات المستخدمة في الزراعة الصناعية، وقصب السكر يزرع في الواجهة البحرية الشرقية ما بين مالقة والمرية، وبالوادي الكبير وجنوب شرق إشبيلية، وجلب أفضل قصب السكر من زنجبار وهو أصفر اللون كالليمون تُصنع منه أجود أنواع الحلويات الأندلسية المعسلة(12).
وأولى الفاتحون زراعة الأشجار المثمرة في البساتين المروية حول المدن اهتمامًا أكثر مما أولوْهُ زراعة الحبوب، مما جعل الأندلس تشكو باستمرار من نقص الحبوب، وتعمد إلى استيراده من العدوة، وقد احتفظ الإسبان بنظم الري العربية الإسلامية وتسميتها بعد"الاسترداد" كما هو الحال في بلنسية بشرق الأندلس، حيث البساتين تُسقى بالدور ( Ador )، ويشرف على عملية توزيع ماء القنوات صاحب الساقية( Cavacequia ) والأمناء( Alamis )، كما أن وثائق مدن شرق الأندلس تنص على وجوب الاحتفاظ بنظام توزيع الماء كما كان معمولا به"زمن العرب"(13).
ولما ألجأ النصارى المستردون أهل الأندلس إلى سيف البحر، والبلاد المتوعرة الخبيثة الزراعة النكدة النبات، وملكوا عليهم الأرض الزاكية والبلد الطيب، فاحتاجوا إلى علاج المزارع والفُدْنِ لإصلاح نباتها وفلحها؛وكان ذلك العلاج بأعمال ذات قيم ومواد من الزبل وغيره لها مؤنة، وصارت في فلحهم نفقات لها خطرُها، فاعتبروها في سعرهم، واختص لذلك أهل الأندلس بالغلاء منذ اضطرهم النصارى إلى هذا المعمور بالإسلام مع سواحلها لأجل ذلك(14).
إن عبقرية الطغنري، وابن بصال وابن العوام، ومن قبلهم ابن وافد الطليطلي الطبيب والصيدلي الكبير كما تنعته الدراسات الأسبانية (تـ467هـ/1075م) الذي خدم الأمير المأمون(1037-1075)وزرع له جنة السلطان، وهي مضرب المثل في الحدائق الأندلسية التجريبية ما بين التاج والقنطرة(15)، وابن بصال هو الذي خدم أيضًا بنفس الحديقة النموذجية وعند نفس الأمير العالم والفيلسوف، والمؤلف المجهول من القرن الثاني عشر الميلادي صاحب" ترتيب أوقات الغراسة والمغروسات(16) وأبي الخير الإشبيلي تُدَلِّلُ على مكانة المسلمين وما وصلوا إليه من عبقرية في علوم الفلاحة، فقد كانوا عظماء وفلاسفة ونوابغ في الفنون والعلوم النظرية والتطبيقية، ولم يكونوا نقالة لكتب وبحوث ونظريات غيرهم، كما يعتقد بعض الجاحدين لفضائل العرب والمسلمين في بناء قواعد العلم الحديث، فهم الذين بنوا الأسس العلمية بأمانة وإخلاص والدعوة إلى ذلك وجعل البرهان دليلا شاهدًا(17).
وكان كتاب "زهر البستان ونزهة الأذهان " للطغنري(أبي عبد الله محمد بن مالك الطغنري(من قرية طِغْنر بضواحي غرناطة)( Tignar ) من أهم المجاميع في الفلاحة والبيطرة والذي كان في خدمة الأمير الزيري عبد الله بن بلقين حاكم غرناطة(465-483هـ/1073-1090م) ثم دخل في خدمة الأمير اللمتوني أبي طاهر تميم بن يوسف بن تاشفين حاكم غرناطة المرابطي شقيق أمير المسلمين علي، والذي أُهْدِيَ إليه الكتاب كما هو مسجل في ديباجته، وهذا الجمع الكبير من خمسة علماء أعلام بالفلاحة وتقنياتها وتجاربها شكلوا ثورة علمية خضراء كما تقول الباحثة لوسي بولنز ( Lucie Bolens ) من جامعة جنيف حيث درست هذه الكتب في أكثر من دراسة والباحث (توماس غليك) من جامعة بوسطن(18).
ومن أشهر أعلام الهندسة الفلاحية في عصر المرابطين نذكر:
1 - أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن بَصَّال (تـ499هـ/1105م).
برز في علم الفلاحة إبراهيم بن محمد بن بصال الأندلسي صاحب كتاب "القصد والبيان" ويسمى في المعاجم ،"كتاب الفلاحة لابن بصال" توفي بقرطبة سنة (499هـ/1105م)(19).
ويعتبر كتاب الفلاحة لابن بصال مفخرة أهل الأندلس قاطبة حيث اعتبره ابن حزم في رسالته "في فضل الأندلس" من أهم الكتب التي أنتجتها العبقرية الأندلسية حيث يقول عن أهل الأندلس"يونانيون في استنباطهم للمياه ومُعاناتهم لضروب الغراسات ، واختيارهم لأجناس الفواكه وتدبيرهم لتركيب الشجر ، وتحسينهم للبساتين بأنواع الخضر وصنوف الزهر، فهم أحكم الناس لأسباب الفلاحة، ومنهم ابن بصال صاحب "كتاب الفلاحة" الذي شهدت له التجربة بفضله"(20).
ويعتبر ابن بصال من المصادر الزراعية الوثيقة ، والتي تعتمد على التجربة الشخصية، وأما ابن العوام فهو أميل إلى الجوانب الأدبية، ولذلك اتجه الدارسون إلى القصد والبيان أكثر من ميلهم إلى كتاب الفلاحة لابن العوام(21).
وقد كانت لابن بصال حكمة عظيمة ؛ لأنه كان مكلفًا بروض النباتات الملكي في طليطلة ، وكانت له معلومات نظرية وتطبيقية في شؤون الفلاحة وغرس الخضر، علاوة على سفره إلى صقلية والشام ومصر ، وذهابه إلى الحرمين لأداء فريضة الحج،وكان مؤلفه أهم المؤلفات في نوعها بأوروبا منذ عهد العلماء الرومانيين في الفلاحة، ولا نعثر على عالم في العصور الوسطى المسيحية قبل القرن الثالث عشر الميلادي تمكن مقارنته بابن بصال.
وقد كان ابن العوام الإشبيلي معروفًا في الأوساط غير العربية ابتداء من سنة 1802م على الأقل، أما سلفه ابن بصال فكان مجهولا بينما مؤلفاته تعتبر في حكم الضياع، لهذا السبب أهمل في كتاب"مدخل إلى تاريخ العلم" والكلام للمؤلف جورج سارطون(22) وعليه فالإشارة إلى طبعة (مياس، عزيمان) هي بالنسبة إلى المؤلف عمل محبب ؛ لأنه يكفل له ملء الفراغ في تاريخ علم الفلاحة في عالم العصر الإسلامي في أسبانيا، والظاهرة القوية العجيبة في الكتاب هي خاصيته ، فهو كتاب عملي تطبيقي مدقق، فنحن لا نجد فيه رأيا يتعارض مع مادة الطب أو السحر أو التنجيم، فقد كان المؤلف رجلاً ذا تجربة تطبيقية، غير أنه ليس من الراجح أن لا يكون قد أعار الاهتمام لمن سبقه من العلماء، ولكن تجربة ابن وافد الطليطلي في البستان الشهير، هو الذي ساعد ابن بصال قبل سقوط طليطلة من إجراء تجاربه النباتية المسجلة في كتابه(23).
وقد كانت الأندلس تعرف عند الجغرافيين والتجار بأقاليم غير التقسيم الإداري التقليدي الذي حدثنا عنه الرازي صاحب كتاب الرايات.
والإدريسي شخصية معتبرة في التعريف بأقاليم الأندلس وطرقاتها، وهو بذلك يعرفنا عن الأقاليم الفلاحية الهامة(24).وغير خاف- كما ذهب إليه ابن بصال- أن بعض المزارعين امتلكوا خبرة وتجارب لتحسين مردود المحاصيل الزراعية، ومقاومة الأضرار التي تلحق بالزراعة وجلب المياه رغم أميتهم ، كما نصح ابن خير الإشبيلي استخدام الشباب الأقوياء في العمل الزراعي(25) وقد ألقى أحد المعاصرين(26)باللائمة على فلاحي الحقبة المرابطية للأخطاء التي ارتكبوها في تنزيل الشجرة وزبرها، وحسبما تبينه بعض النصوص فقد كان للفلاحين أزياء خاصة بهم يبلسونها في أوقات العمل(27).
والطغنري أو الحاج الغرناطي أو ابن حمدون الإشبيلي من المعاصرين للحقبة المرابطية، وقد نقل عن ابن بصال مرات عديدة، فيذكر تجاربه في زراعة الرُّمان، كما ينقل عنه أنه يمكن زراعة شجر التين في أي وقت من السنة، وأن اللوز يزرع من البذور، وينقل عنه في صفة الأرض، وجميع إشارات الطغنري إلى ابن بصال(28) تظهر مكانته في الزراعة علميًّا وتطبقيًّا.
غير أن الطغنري -على ما يبدو- مهندس زراعي تطبيقي بتعبيرنا المعاصر، كما رد على أوهام ابن بصال في الباب السادس والسبعين من كتابه زهرة البستان قال الطغنري:" وقد أطنب ابن بصال في كتابه في ذكر النخيل حين ذكر أنها تشبه ابن آدم في عشرين صفة ، وذكر من جملة هذه الصفات أشياء أكثرها خباط ومعظمها اختلاط لا تصح بالعيان ولا تثبت بالبرهان(29).
ويذكر الجغرافي العذري(المتوفى سنة (478هـ/1085م)أن أمير المرية المعتصم بن صمادح من ملوك الطوائف جلب نباتات كثيرة نادرة إلى بستانه في ظاهر مدينة ألمرية فهو يقول: " وبنى (المعتصم) بخارج ألمرية بستانًا وقصورًا...وجلب إليها من جميع الثمار الغريبة وغيرها...مما لا يقدر على صفته...ويسمى ذلك البستان بالصمادحية، وهو قريب من المدينة جدًا"يقول الطغنري إن فرج العريف بالصمادحية كان صاحب تجربة إضافة إلى مهمته في حراسة البستان وعقارات الصمادحية(30).
أما محتويات كتاب الفلاحة لابن بصال فهي مقسمة إلى أبواب هي:
الباب الأول:ذكر المياه وأصنافها وطبائعها وتأثيرها في النبات.
الباب الثاني: الأرض وأنواعها وطبائعها.
الباب الثالث: السماد وأنواعه.
الباب الرابع: عن الأرض وأنواعها وجودتها.
الباب الخامس:دراسة الغراسة.
الباب السادس:بعض الطرق في فن الغراسة.
الباب السابع:تشذيب الأشجار.
الباب الثامن:تلقيح النباتات.
الباب التاسع:تكملة من أنواع التلقيح.
الباب العشر: زراعة الحبوب.
الباب الحادي عشر: البذور.
الباب الثاني عشر: مزروعات البساتين.
الباب الثالث عشر: البقول ذوات الأصول.
الباب الرابع عشر: البقول والخضر.
الباب الخامس عشر: زراعة الرياحين ذوات الأزهار.
الباب السادس عشر:بعض المعارف العامة والفوائد التي يتوقف عليها أهل الفلاحة.
يدرج ابن بصال في الباب الأخير معلومات هامة وعامة عن الفلاحة وأصولها وكيفية جعلها يسيرة وناجحة، كما يفرد فصلا فيحفظ المزروعات من ديدان الأرض فيقول:" تفرش على الأرض فرشة غلظها نحو الصبع من رماد الحمامات ثم يكون الزبل فوق هذا الرماد ثم تزرع الأرض، فإن ذلك الرماد يكون حجابًا بين النبات وبين الحيوان المضر).
وإذا أردنا التعريف بهذه الأبواب فإن ابن بصال وزع أبواب كتابه على النحو التالي:
"من الباب الأول إلى الرابع يتناول فيها المؤلف الأمور الأساسية المتعلقة بالزراعة أصلا وهي: المياه، وطبيعة الأرض وأنواعها وأنواع المعالجات الزراعية(السماد، أو الزبل) واختيار الأرض،ومن الباب الخامس إلى التاسع يحدثنا ابن بصال عن الثمار من حيث غرسها وريِّها ومواعيد الأمرين، وكيفية ضروب الغراسات والتكابيس وتركيب أشجار الثمار بعضها في بعض وغرائب فن التركيب (التطعيم) وأسراره، ويخص الباب العاشر بزراعة الحبوب والقطاف الحادي عشر للبذور، والثاني عشر للقثاء والبطيخ وما إليهما، والثالث عشر للبقول ذات الأصول(الجذور)، والرابع عشر لزراعة خضر البقول، والخامس عشر للرياحين، أما الباب السادس عشر والأخير فهو، على قول ابن بصال نفسه:"هو باب جامع لمعان غريبة ومنافع جسيمة من معرفة المياه والآبار، واختزان الثمار وغير ذلك مما لا يستغني أهل الفلاحة عن معرفتها، إذْ هي من تمام أعمالها واستكمال فائدتها"(31).
يقسم ابن بصال المياه إلى أربعة أنواع هي: ماء المطر، ومياه الأنهار، ومياه العيون، والآبار، ويعين كل نوع منها والنباتات التي تناسبها، فعلى سبيل المثال:ماء المطر عذب رطب معتدل، تقبله الأرض قبولا حسنًا،وهو أفضل أنواع المياه وأحمدها ، ويجود به جميع أنواع النباتات(32)..
كما يفصل في أنواع التربة وهي عشرة،مبينا صلاحية كل نوع للنبات الخاص بها مع الاهتمام بتفاصيل أنواع السماد اللازم في كل حالة ، وكمية المياه ، وعدد مرات السقي، ويدل الفصل الخاص بالتطعيم عن خبرة وتجربة طويلة، ويدقق ابن بصال في طرق البستنة والغرس بين الطريقة الصقلية والشامية والأندلسية، مما يجعلنا ندرك أن التجربة أم العلم الزراعي ؛ لهذا أصبح المهندس الزراعي في الأندلس والغرب الإسلامي عامة أحد صناع الحضارة الإسلامية في العصر الإسلامي الذهبي(33).
إن ابن بصال عبقرية في عالم النبات والبيطرة، ولهذا فليس خافيا على مؤرخ علوم الإسلام أن يعرف مكانته في هذا الباب الكبير(34).
ولم يكن ابن بصال هو العالم الوحيد بشؤون الفلاحة في الأندلس، فيكفي أن نتذكر ابن وافد وتلميذه" ابن اللوينغو"، والبكري ،وابن الحجاج وأبا الخير الإشبيلي والمؤلف المجهول من عصر المرابطين وغيرهم من العلماء.
وقد كان لابن بصال حنكة وتجربة عظيمة ؛ لأنه كان مكلفًا بروض النباتات الخاصة بطليطلة ، وكانت له معلومات نظرية وتطبيقية في هذا الشأن، علاوة على رحلاته وأسفاره العلمية إلى الشام ومصر وصقلية، وكان كتابه من أهم المؤلفات في العالم الإسلامي وأوروبا(35) وهو من رجال القرن السادس الهجري،الثاني عشر الميلادي ، وقد قام محمد العربي الخطابي بتحقيق ومراجعة وترتيب هذه المصادر الفلاحية ضمن كتاب عمدة الطبيب لأبي الخير الإشبيلي(36).
وليس معناه أن عصر المرابطين كان خاليا من علماء في شتى المجالات ومنها النباتات الزراعية والطبية، ومن ذلك ما قام به أبو الخير الإشبيلي، صاحب كتاب "عمدة الطبيب في معرفة النبات"(37) وكان نشاط الأندلسيين الفلاحي يدل على حسن استغلال المناطق الغنية بالمياه كالسواحل ، وضفاف الأنهار، ومد القناطر ونصب النواعير، وغرسوا جميع أنواع الغروس، وأتقنوا هندسة المياه واستغلالها ، وأبدعوا في بناء الحدائق والمنيات ، وأجروا المياه إلى البساتين البعيدة من عيون نابعة من الجبال ، وخبروا جميع أنواع النباتات، وقسموا التربة إلى لينة وغليظة، ورملية وجبلية وحرشاء مضرسة، ومدمنة محترقة، وكل أنواع هذه الأراضي عرفوا ما يصلح لها من نبات، وعرفوا كيفية غرسه وأوقاته ومكانه ، وما يحتاجه من سماد طبيعي ، وكيفية زبره وتطعيمه، وكيفية معالجتة أمراضه، وأوقات جني ثماره وأزهاره ، فطوروا هذا العلم منذ تقويم قرطبة لعريب بن سعيد الذي سيكون أول رسالة أندلسية في الزراعة الأندلسية إلى كبار المهندسين في هذا العصر مدار الرسالة(38).
2 - الطغنري(أبو عبد الله محمد بن مالك)(من قرية طغنر بضواحي غرناطة)*
"حالما ندخل في طيات رسائل الزراعة الأندلسية نلاحظ الدور الحيوي الذي يؤديه عنصر الماء، فهي تدرسه في المقدمة إلى جانب عنصري التربة والأسمدة، ويمكن القول : إن الطغنري الغرناطي هو أحد المؤلفين الأكثر أصالة ضمن أولئك الذين تناولوا موضوع المياه، ولاسيما ما يتعلق بحفر الآبار والتنقيب عن المياه، فهو يتبع بكل عناية الأساليب المذكورة في الفلاحة النبطية(39)، بعد أن يطرح منها الجوانب الغيبية، كما أن العوامل الغيبية تبدو في رسائله معدَّلة ومندمجة بالعوامل العقلانية، وهو يعول أخيرًا على تجاربه الشخصية التي يعارضها أحيانًا بأساليب تعلمها خلال أسفاره في بلاد الشام وإفريقية"(40).
الحاج الطغنري الغرناطي مؤلف كتاب ضخم في عهد تميم بن يوسف بن تاشفين المرابطي حينما كان واليا على غرناطة(1107-1118م)، ويحكي فيه أخبارًا مهمة عن ابن بصال وابن حجاج الإشبيلي صاحب المقنع في الفلاحة(41) وهو الذي يسميه ابن العوام بالحاج الغرناطي(42) وذلك في معرض حديثه عن التفاصيل ، كما اطلع على الفلاحة الهندية والفلاحة النبطية لابن وحشية(أبي بكر أحمد بن علي بن المختار الكلداني) توفي عام (296هـ/909م) وما كتب الطبيب إسحاق الإسرائيلي، وهو يصرح بمصادره ويرد على تجارب المهندسين الزراعيين الذين سبقوه بالحجة والتجربة، فالطغنري حجة في عالم الزراعة وتقنياتها، كما يتحدث عن تاريخ المزروعات الغريبة الوافدة على أوروبا وبلاده الأندلسية بثقة واطلاع واسع كزراعة التين والنخيل والسكر والكتان، وطرق التلقيح ويخصص بابًا لكل نوع من المزروعات، ولا يدلك على هذا المشروع الحضاري الكبير إلا خبير بها مطلع عليها ، فلو حدثك عن تهيئة الأرض لزراعة قصب السكر،لعرفت أصالته كما يرد على آراء ابن وافد صاحب كتاب الأدوية المفردة حول قصب السكر بطريقة علمية وعملية ناضجة(43).
إن تجارب الحاج الطغنري أو الحاج الغرناطي قَيِّمَة من حيث طريقة العرض كأنك أمام مدرس خبير، وهو يشبه في التأليف والعرض والخبرة طبيب عصر المرابطين عبد الملك بن أبي العلاء زهر(تـ557هـ/1167م)وكذلك الغساني صاحب حدائق الأزهار في ماهية العشب والعقار(44) يقول الحاج الطغنري في إشارة هامة للبيئة وتأثيرها على الإنسان وهو يتكلم عن التركيب والتطعيم: "إن التركيب هو صلاح الأشجار وجمال البساتين والمستغرب من أعمال الفلاحين به يقرب ما بعد إثماره فتقرب فائدته ويدنو وقته، ولذلك إذا أدْمِنَ نصب المواضع واختلاف الأهوية عليها وتأثيرها في سكانها وفي نباتاتها وما يجب من الأشجار من كل بلاد وما لا يجب فيه.."(45).
3 - أبو زكريا يحيى بن محمد بن أحمد بن العوام الإشبيلي (تـ539هـ/1145م)أو(569هـ/1175م).
برز في هذا العهد ابن العوام الإشبيلي، يحيى بن أحمد بن العوام الإشبيلي يكنى أبا زكريا، نبغ في إشبيلية وكتابه الفلاحة هو أهم كتاب عربي من هذا النوع، حيث استفاد من تجاربه العلمية العملية العميقة، وقدم وصفا دقيقا لعدد يبلغ ( 585 ) نوعا من النباتات ذكر منها( 55 ) نوعا من الأشجار المثمرة "ولم يتردد ماكس مايرهوف في التصريح " بأن هذا الكتاب ينبغي أن يعد أحسن الكتب العربية في العلوم الطبيعية ، وعلى الأخص علم النباتات"(46).
ومؤلفه "كتاب الفلاحة" جاء في أربعة وثلاثين فصلا، يبتدئ ابن العوام كتابه في سرد بعض العموميات ، ثم طبيعة الأراضي والحقول ثم السماد فالمياه(47).
وجاء ذكر ابن العوام في مقدمة العلامة عبد الرحمن بن خلدون في معرض حديثه عن الفلاحة فقال:إنَّ ابن العوام اختصر كتاب "الفلاحة النبطية"، واقتصر على الكلام عن النباتات من جهة غرسه وعلاجه وما يعرض له بمثل ذلك(48).
مات ابن العوام وترك موسوعة في علم الفلاحة والمعاهد الفرنسية للفلاحة ، تبدأ برامجها بدراسة كتاب الفلاحة لابن العوام.
وأما بلاد الإسلام فلا يعرف شبابها المتعلم أي شيء عن هذا العالم الكبير ، توفي ابن العوام عام(539هـ/1145م) أو 569هـ/1175م) بحسب الاختلافات بين الباحثين إلا أن الشيء الثابت أنه عاش مرحلة النضج العلمي والعملي في عهد المرابطين- وترك تجارب عديدة في ميدان الفلاحة والبيطرة ، إذْ إلى جانبه كمهندس في الفلاحة فهو على درجة كبيرة في علم الحيوان "البيطرة".وقد ترجم هذا الكتاب إلى الأسبانية بونكاري( Banqueri )سنة 1820م، كما نشر ترجمته الفرنسية كلمون ميللي( Clément Mulet ) سنة 1846 وأُعيد نشر هذه الترجمة بتونس سنة 1977م.
وإذا تتبعنا الأبحاث الجديدة، فإن التطور الزراعي وعلم البستنة ومعالجة الأمراض الخاصة بالنبات والحيوان(علم البيطرة) قد عرفت عصرًا ذهبيًّا قلما عرفته الأندلس، ولا يمكن أن نعرف مدى التطور الذي عرفته علوم الفلاحة إلا بالعودة إلى كتب الفقه وكتب المسائل المعاصرة لعصر المرابطين، كمسائل ابن رشد الجد، ونوازل ابن الحاج الشهيد، كما ننوه بأعمال الباحث الفرنسي فنسان لاقاردير ( Vincent Lagardère ) من خلال مجموعة أبحاثه الخاصة بالريف والمزارعين بالأندلس ، كما نشير إلى العمل الكبير الذي قام به حول نوازل الونشريسي(49) الذي يعالج الحياة العقارية والزراعة بمختلف أشكالها(50)، والأعمال الهامة للباحثة لوسي بولنز( Lucie Bolens ) وكذلك المحاولة الجادة التي قام بها الباحث المغربي إبراهيم القادري بوتشيش من جامعة مكناس الزيتون،في أعماله حول القبيلة ، ومفهوم الطبقة الاجتماعية والزراعة والملكية العقارية ، ووضعية الرعاة والأجور ، وحالة البؤساء والمعوزين والمتسولين والعبيد ، وأقنان الأرض وعلاقاتهم داخل النظام والمشروع المرابطي، الذي يرى أن اقتصاده يقوم على اقتصاد الغزو، وأعمال الباحث محمد حسن من الجامعة التونسية(51) أو ما يختزله الجابري، في العلاقة بين القبيلة والغنيمة(52)، فأين نضع تفسيرات المؤرخين ورجال الاقتصاد من النظريات التي تتحدث عن ظاهرة الهجرة والنزوح، والإنتاج الاقتصادي العائلي؟ والملاحظ أن التفسيرات التي أعطيت لظاهرة خروج المرابطين لا ينطبق عليها ما ذهب إليه المفكر والمؤرخ إسماعيل راجي الفاروقي في كتابه القيم " أطلس الثقافة الإسلامية" (53) حيث حدد مسألة الهجرات فيقول: إنَّها قديمة جدًّا وعادية وتعود إلى ثلاث عوامل:
أولا:حصول زلازل أو فيضانات أو جفاف أو تصحر.
ثانيًّا: التقارب بين القبائل ونزوح عشيرة إلى جيرة عشيرة أخرى بسبب قرابة الدم أو لسبب سياسي وتضامني.
ثالثًا: البحث عن حياة أفضل وأرض خصبة توفر الماء والكلأ والمعاش والحرية.
ويرى المفكر إسماعيل راجي الفاروقي أن معظم الهجرات حدثت من الجنوب إلى الشمال ، وساهمت في خلط التركيبة السكانية كل فترة زمنية ، وتشكيل علاقات اجتماعية وسياسية تعتمد على القرابة والمصاهرة، الأمر الذي أدَّى إلى نشوء نمط إنتاجي قرابي -عشائري قبلي- جغرافي ، يعطي علاقات الرحم والحسب والنسب والدم الأولوية في سياسات المصاهرة والدفاع والتحالفات والصداقات، ونلاحظ أن تفسيرات الفاروقي أعقد من تفسيرات المؤرخين الذين يقولون بالتفسيرات المناخية التي ركز عليها أغلب من أرَّخ للمرابطين، مع العلم أن الهدف لم يكن وراء خروج قبائل اللثام للغزو والبحث عن الغنائم، بل كانت الفكرة القوية التي حملوها، أقوى من أي هدف على الأقل عند الجيل الأول من المرابطين الذين حافظوا على الصورة الإصلاحية للمشروع السياسي والفكري الذي أقامه الإمام أبو محمد عبد الله بن ياسين الجزولي، والسؤال المطروح:هل حقق المرابطون من خلال فقه التحضر الذي تبنوه مشرعهم الشامل وهو وحدة الغرب الإسلامي أو وحدة الجماعة؟ وهل حققوا الأمن للسابلة وحرية التبادل التجاري ، ثم حققوا حركة فكرية وتنويرية بالمنطقة التي وحدوها؟.
هذا هو موضوع الإشكالية التي نحن بصدد وضع قواعدها على بينة من الأمر، ومن أهم قواعد المشروع الحضاري والفكري للدولة المرابطية تحقيق الرفاهية، ومنها العناية بالفلاحة علمًا ومشروعًا اقتصاديا(54).
وغير خاف عن الباحثين أن الفلاحة قد عرفت علماء كبارا ساهموا بأعمالهم وأبحاثهم وخبراتهم في تطوير هذا العلم تطويرًا كبيرًا ناضجًا بحكم التجربة وتنوع المناخ والتربة والجو المناسب.
ونلاحظ - داخل علوم النبات والفلاحة بالأندلس- التحولات الكبرى للزراعة الأندلسية في إطار منظومة الحضارة الإسلامية، وقد بينت الإشارات القليلة التي ذكرناها وجود ثورة زراعية كبيرة بالأندلس خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر الميلاديين مجال التحضر الأندلسي في عهد المرابطين ، وهي الفترة الذهبية للتطور العلمي الزراعي؛ فبعد قرطبة وطليطلة أصبحت إشبيلية عاصمة زراعية مشهودة ، حيث أصبحت مزرعة جبل الشَّرَف المشهورة نموذجية(55) يقوم عليها العمال والمهندسون الزراعيون منذ أيام المعتمد بن عباد إلى دخولها تحت سيطرة لمتونة، حيث أصبحت هذه المزرعة النموذجية مخبرًا لكل علماء المرحلة الذين ترجمنا لهم في هذا العنصر الخاص بعلوم الزراعة وتطورها، وكانت إلى جانب إشبيلية والمرية وبلنسية من أهم الحواضر الزراعية في عهد المرابطين؛ والتي عالجت تربتها وأشجارها معظم الدواوين الفلاحية التي وصلتنا في هذه الحقبة(56).
ففي قرطبة نذكر الطبيب الشهير أبا القاسم الزهراوي صاحب كتاب مختصر كتاب الفلاحة، وبطليطلة نشير إلى ابن وافد الطليطلي(1008-1075)خادم الأمير المأمون(1035-1075) الذي أوجد له البستان الشهير(جنة السلطان) الموجود بين القنطرة والتاج، وابن وافد الذي استفاد من جداول طليطلة المشهورة، الذي حافظ عليها العالم القشتالي مياس فاليكروسا المعاصر لابن وافد نفسه، كما جرب ابن بصال خبرته بنفس المزرعة النموذجية الخاصة بالمأمون، وقد ألف بالمناسبة كتابه المذكور أعلاه" كتاب القصد والبيان" ذائع الصيت، وبعد سقوط طليطلة بيد ألفونسو السادس انتقل ابن بصال إلى إشبيلية ، واشتغل في بساتين المعتمد بن عباد ، كما صنع له بستانًا نموذجيا شبيهًا بمزرعة المأمون سلطان طليطلة ..
وهناك تعاون مع المهندس الزراعي ابن اللوينغو( المتوفي عام499هـ/1105م) في عصر المرابطين وتلميذ المهندس الزراعي والفقيه أبي عمر بن حجاج الإشبيلي صاحب كتاب المقنع، الذي ألفه سنة 466هـ/1073م وابن وافد الطليطلي الطبيب صاحب كتاب الأدوية المفردة، وابن اللوينغو الإشبيلي الذي جرب علمه وخبرته في مزرعة وبستان الشرف الخاص بالمعتمد بن عباد، الذي تميز بتربته الحمراء(57)، وفي هذا البستان قام ابن حجاج الإشبيلي بتجاربه الزراعية على التربة الحمراء الدقيقة بعد معالجتها، وكان بستان الشرف يحتوي على منيات وضياع وقرى كانت مجال التجارب الفلاحية النادرة، وهذه التجارب الفلاحية بالمرية وطليطلة سجلها المهندس الزراعي الطغنري الغرناطي في كتابه زهر البستان ونزهة الأذهان(58).
والطغنري هو القائل: "والزراعة والغراسة التي بهما قوام الحياة وقوت الناس" وكأنه مهد السبيل للعلامة ابن خلدون الذي يقول:"هذه الصناعة(الفلاحة) ثمرتها اتخاذ الأقوات والحبوب بالقيام على إثارة الأرض وازدراعها، وعلاج نباتها، وتعهده بالسقي والتنمية إلى بلوغ غايته، ثم حصاد سنبله واستخراج حبه من غلافه وإحكام الأعمال لذلك، وتحصيل أسبابه ودواعيه، وهي أقدم الصنائع لما أنها محصلة للقوت المكمل لحياة الإنسان غالبًا، إذْ لا يمكن وجوده من دون جميع الأشياء إلا من القوت"(59).
لقد كانت عناية ابن خلدون بالزراعة من حيث ارتباطها بتحصيل القوت، لكن العمل الزراعي فيه أكثر من ذلك، فهناك الأشجار غير المثمرة التي تزود الناس بالأخشاب للصناعة والحطب للوقود، والرياحين والزهور وما إلى ذلك، وهذه الصناعة معقدة في أساليب الغرس والري والعناية في نواح مختلفة، لقد كان مهندسو الزراعة في الحقبة مدار هذه الدراسة هم أعلام الزراعة دون منازع بإجماع الباحثين وهم ابن وافد، وابن حجاج(أبو عمر أحمد)صاحب المنية في الزراعة، وابن بصال وابن العوام والمؤلف المجهول(60) من عصر المرابطين وابن اللوينغو والحاج الطغنري الغرناطي، فكل واحد من هؤلاء يصح أن نسميه مهندسًا زراعيا، لأنه قام بتجارب متنوعة تتعلق بالأرض والري والزبل(61) والحفاظ على الشجر(62).
ويظهر صدى الدواوين الفلاحية الكبرى بالأندلس في عصري المرابطين والموحدين في أرجوزة ابن ليون التجيبي، الذي لخص ونظم هذه الكتب في العصر النصري، ففي منتصف القرن الثامن الهجري/الرابع عشر الميلادي صنف الفقيه أبو عثمان سعد بن أحمد بن لُيون التجيبي، "كتاب إبداء الملاحة وإنهاء الرجاحة، في أصول صناعة الفلاحة" وهو كتاب فقيه هاو، اختصر فيه نظمًا كما سلف ما جاء في مؤلفات ابن بصال، والطغنري وأبي حنيفة الدينوري، مضيفًا معلومات قيمة. تشتمل أرجوزة ابن ليون في الفلاحة على 1300 بيت، وقد نشرها عام 1975م-مع ترجمة باللغة الأسبانية-خواكينا إجواراس إبانيث(63) معتمدًا على مخطوط فريد للأرجوزة بجامعة غرناطة، تم نسخه قبل سنة واحدة من وفاة ابن ليون، وكانت وفاته في المرية في الطاعون العام، في 14 جمادى الآخرة سنة 750هـ/30 أغسطس1349م(64).وتحدث ابن ليون التجيبي عن أركان الفلاحة الأربعة، الأرض والماء والزبل والعمل، وغرس الأشجار وتركيبها، وزراعة الحبوب والأرز والقطن وقصب السكر والحناء، وأعمار الأشجار وما يمنع عن صغارها النمل والفراش، وأخيرًا ما يراعى في تخطيط البساتين، وما يقام بها من مساكن وديار، ويعدد ابن ليون أركان الفلاحة فيقول:
وهي الأراضي والمياهُ والزبول*** والعملُ الذي بيانُه يطول
والأرض عشرة أنواع على رأي ابن بصال: ويختتم ابن ليون التجيبي أرجوزته في الفلاحة بالحديث عن ترتيب البساتين ومساحاتها وديار البادية فيقول:
تنظر للقبلة والباعل ** * قرب وللصهريج والبشر اعتلا
أو عوض البئر تكون ساقية *** بالماء من تحت الظلال جارية
وما له بابان فهو أسترُ ** * وراحةُ الساكن فيها أكثرُ
ثم يلي الصهريج ما لا يسقطُ ** * ورقٌه من كل ما ينشِّطُ
ويختم الأرجوزة فيقول:
فهذه الفلاحةُ المشتهرة ** * منظومة أصولٌها منحصرة
لذا بإبداء الملاحة استمدتْ *** كما بإنهاء الرجاحة اعْتَلَت(65)
ولا نعدم النصوص المخطوطة والمنشورة التي تفرد الأبواب الكاملة للأكرية والمساقاة، والجائحة والشركات، والرحا وقوانين توزيع المياه في الأندلس في عصر المرابطين، مما يبرز التطور الفقهي والقانوني في مجال الفلاحة ومتطلباتها، كما أن النبش في النصوص المخطوطة وفي نوازل ابن الحاج خاصة ، رغم صعوبة قراءة نصوصها الممتعة لتي تكشف عن وضع الفلاحين والريف الأندلسي، والنصوص الموضحة للفلاحة الأندلسية في عصر المرابطين تبرز المستوى التقني والعلمي من جهة كما تبرز جهل بعض الفلاحين بأصول الفلاحة وتقنياتها، كما يصرح الطغنري في أكثر من مرة في ديوانه الضخم(66) كما يتحدث الحاج الغرناطي الطغنري عن الطرق التي جلبت بها الأشجار والنباتات، وحرص أهل الأندلس على تنويع المحاصيل الزراعية ومن ذلك حديثه عن السفير الشاعر يحيى الغزال الذي استجلب معه زريعة التين حين وجهه الأمير عبد الرحمن الثاني(الأوسط)عام 225هـ/840م من قرطبة إلى القسطنطينية رسولا إلى بيزنطة(67).
كما أن الخبرة التي تمتع بها عالم النباتات في تاريخ العالم الإسلامي قد شكلت الأرضية والتجربة للمدرسة الأندلسية وتجاربها حيث أظهرت حالة الفلاحين والمعوزين.
وبعد استعراضنا لحالة الفلاحة في الأندلس في عصر المرابطين وجدنا تناقضًا كبيرًا بين ما كتب كل من عز الدين موسى(68) وكمال السيد أبو مصطفى(69)وحسن علي حسن(70)وما تصفه أعمال إبراهيم القادري بوتشيش،(71) فهل حقيقة أن الرخاء الذي شهدته منطقة الغرب الإسلامي منذ قيام المرابطين وحتى حكم الناصر الموحدي كان ناتجًا عن إدارة مالية منظمة، فضلا عن ازدهار زراعي وتقدم صناعي ونشاط تجاري(72).
لقد غيب المؤرخ الرسمي أخبار المعوزين والفقراء في الغرب الإسلامي عصر المرابطين، إلا أننا في مجال الفلاحة كعلم وممارسة تتركنا نشير في هذا العمل إلى أهمية استدرار المصادر الدفينة، والقصد من هذا تسجيل مدى نجاح المرابطين في تحقيق التوازنات الاجتماعية؛ لأن نجاح أي مشروع دعوي أو سياسي لا يتأتى إلا بتحقيق العدالة الاجتماعية، والتنفيس عن الفئات المكروبة نتيجة الكوارث التي تصيب هذه الطبقات الدنيا من المجتمع، وإذا تمعَّنا الأمر نجد أن العصر المرابطي قد عرف الأزمات والمجاعات والأوبئة والكوارث والمحن وغلاء المواد الغذائية وانتشار الجراد والأوبئة؛ وهو ما حدثتنا عنه الفتاوى والنوازل المعاصرة للمرابطين كفتاوى ابن الحاج الشهيد، أو نوازل ابن رشد الجد ومن قبلهم نوازل ابن سهل وأحكام الشعبي المالقي، وهي من النوازل التي أَرَّخت لعصر المرابطين بصورة تلقائية من خلال معالجتها لظروف الناس ومشكلات عصرهم في جميع مظاهر حياتهم وأخلاقهم، ولم تعدم هذه النصوص الخطية معالجة قضايا الفلاحة ووضعية المزارعين.
كما لم تهمل كتب الطب ظروفهم الاجتماعية من غذاء ولباس وأمراض وطواعين تصيب أهل الريف خاصة، كما لم تهمل ظاهرة العدوى قبل أن تكشف الجراثيم ، وهو ما أشار إليه ابن الخطيب إشارات دالة على وعي صحِّي متقدم(73).
تكون قطاع المهمشين من المتسولين والعاطلين واللصوص والشحاذين والمهرجين والسحرة والدعرة والمرضى والعاهرات والمساجين ، وغير ذلك من الشرائح الاجتماعية غير المنتجة التي عجزت السلطة عن استيعابهم وإدماجهم داخل المجتمع ، وينتمي هذا القطاع في الغالب إلى أصول اجتماعية فقيرة ومظلومة نشأت عن التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدها المجتمع المرابطي، واستفحال الفوارق الطبقية، وازدياد حركة البذخ والترف في المرحلة الثانية من عصر المرابطين ، وما تمخض عن ذلك كله من غلاء فاحش كما سبق أن نبهنا إليه في أكثر من مرة ، وتعد كتب المناقب والتصوف والحسبة من أهم المصادر التي تمد الباحث بمعلومات عن المتسولين، ولو أنها جاءت مبعثرة، مما أثار انتباه ابن عبدون الإشبيلي المعاصر للحقبة المرابطية بالأندلس، وجرت العادة لدى بعض متسولة الأندلس أن يقوموا بجولات في الطرقات، وينشدوا مقاطع من الأغاني الشعبية أو الزجل كسبًا لعطف ورحمة المارة، غير أن ابن سعيد يؤكد أن عددهم ظل ضئيلا في الأندلس بحجة أن عادة الأندلسيين" إذا رأوا شخصًا صحيحًا قادرًا على الخدمة يطلب سبُّوه، وأهانوه فضلا عن أن يتصدقوا عليه وهذا أمر محمود"كما ذهب إلى ذلك ، ولكنه دليل على مبلغ حرصهم على المال بالنسبة للمشارقة(74)، غير أن الواقع يثبت أن عددهم تكاثر في الحقبة المرابطية" (75).
تجدر الملاحظة أن الأراضي الزراعية بالمغرب والأندلس عانت من الكوارث والمسغبات ، وتأثرت الرعية بالمجاعات وانتشار الجراد بالأندلس خلال عصر المرابطين، لهذا رأينا أن نختم هذا الفصل بنص لابن الحاج الشهيد مبرزًا حالة الفلاحة والمزارعة وتنظيم السقي وما يتبعها من خلاف حول تقسيم الماء بين المزارعين وخصومات انتقال الملكيات الزراعية إلى الورثة.
ومن الإنصاف القول بأن السياسة المائية عرفت تطورًا ملموسًا على يد المرابطين، فعل الرغم من قلة خبرتهم في الميدان الزراعي- باعتبارهم كانوا رُحَّلاً قبل تأسيس دولتهم - فإنهم طوروا وسائل الري، فقد تم استدعاء المهندس الأندلسي عبد الله بن يونس لرئاسة المشروع الذي استهدف إيصال الماء إلى العاصمة مراكش لسقي بساتينها وبحائرها، وبالفعل فإن هذا المهندس الأندلسي ابتكر طريقة هندسية بديعة جعلت الماء يرتفع من منخفض الأرض إلى أعلاها بغير روافع(76) كما استفاد الفلاحون من مياه أنهار الأندلس إلا أن النزاع حوله كان مشهودًا كما تشير نوازل ابن سهل وابن الحاج وابن رشد الجد.
وتسهم نصوص الفتاوى في تقديم معلومات عن حكم أرض الأندلس، وهل افتتحت عنوة أم صلحًا، ويأتي في طليعة هذه النصوص نص عبد الملك بن حبيب الذي يشير إلى أن أكثر البلاد الأندلسية افتتح عنوةً، ولكنَّ نصوصًا أخرى ترجع بالمسألة إلى عدم إمكانية الجزم القاطع، من ذلك مثلا ما ورد في جواب القاضي عياض قاضي المرابطين بسبتة والأندلس على إحدى مسائل أحباس النصارى في الأندلس، والذي يشير إلى"...أن الفقهاء أصحاب التاريخ والخبر يذكرون أن الأندلس منها عنوة ومنها صلح، وأكثر أموال هؤلاء المعاهدين إنما هي فيما ذكر أنه كان عنوة، لكني أقول هؤلاء النصارى لما أشكل الأمر فيهم، وفيما وجد بأيديهم من الأموال وجب كون ما بأيديهم من الأموال بحكم وضع اليد وصحة الحوز الذي لم يجئ ما يزيله ولا قامت حجة تبطله"(77).
ولعل ما يشفع لنا في العودة للتذكير بأهمية المصادر الدفينة(النوازل، وكتب الفقه المخطوطة) هو محاولة استدرار نصوصها الخاصة بالبادية وتوظيفها توظيفًا صحيحًا للرد على مقولات المدرسة الغربية التي روجت إلى فقر الغرب الإسلامي من الوثائق، فروجت لأفكار سيئة حول الريف والقبيلة والزراعة ، وتتميز مصداقية الفتاوى في هذا العصر(فتاوى ابن سهل والشعبي المالقي ابن رشد الجد،وفتاوى ابن الحاج الشهيد وابن زكون؛ من خلال صدقها ومنهجيتها في تسجيل نوازل العصر، حيث بينت سيادة الملكية الفردية والجماعية معًا للأرض وطرق ومصادر تملكها والنزاعات التي قامت بشأنها(78).
(و)- نوازل ابن الحاج الشهيد (تـ 529 هـ/1135م)ونوازل العصر.
ومسائل المياه والجنات والمنيات وملكية الأرض خلال الحقبة المرابطية.
أشاد الباحث المغربي الجاد إبراهيم القادري بوتشيش بنوازل ابن الحاج الشهيد وقيمتها في إعادة النظر في تاريخ المرحلة المدروسة على أساس ما قدمه من دراسات تخص الزواج والطلاق والمتسولين والفقراء والمعوزين والملكية العقارية، ومن الدراسات الهامة دراسة الحياة الاجتماعية والاقتصادية على غرار هذه الوثائق الخطية الدفينة لمعرفة تطور المجتمع وعلاقة فئاته بالسلطة المرابطية.
وعلى ما في المخطوط من معلومات تبشر بفتح جديد في حياة الدولة المرابطية، فإن فك خطوطها وقراءة نصوصها من الصعوبة بمكان ، وسأقتصر في آخر هذا العنصر على عرض حوصلة لمسائل المياه والمساقاة التي تناولتها نوازل ابن الحاج ،والتي نظمت شبكة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية، كما تبرز وضع المنيات والجنات والبساتين في الأندلس ووضعية الأرض بها على أيام المرابطين ، ولاحظ الدارسون أن مراكز الاستقرار المرابطي منذ بداية حكم علي بن يوسف قد عانت كثيرًا، فأثرت على أوضاع الملاك والزراع، وقلة المجابي دلالة ومظهرًا لانحسار أراضي الزراع أو التهرب من دفع الضرائب ، غير أن استخدام الجيش في الجباية ترك الزراع بين أمرين : ترك ما يزرعون أو الثورة على الدولة القائمة، أو الأمرين معًا، وهذا الخيار الأخير هو ما فعله المصامدة في البلاد الغربية، أما في البلاد الأندلسية فقد كانت الثورات، ثورات ملاك فقهاء؛ ففي صراعهم على السلطة والانفراد بها سعوا إلى التعاون مع نصارى أسبانيا الذين أعانوهم لقاء مال التزم به الثائر المسلم، وحتى يستطيع الثائر المسلم أن يدفع جزية النصارى الأسبان التي فرضت عليه كان يضيق على الرعية، ويتحيفها بأنواع من المظالم ، وهو ما فعله أحمد بن محمد في أندوجر، ويحيى بن غانية في قرطبة، حيث صالح أبو زكريا يحيى بن غانية المسوفي السليطن(ألفونسو السابع) على أن يتنازل له عن بياسة وأعطاه تحفًا كثيرة، ويرسل إليه جزية سنوية، فخرج الصليبيون من قرطبة بعد تسعة أيام من دخولها وقد خربوا الجامع ونهب أوصاله وثريات الفض
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أمير العذاب
مؤسس المنتدى
مؤسس المنتدى
أمير العذاب


ذكر
العنوان : بسكرة
المزاج : رائع
نقاط : 1353
شكر خاص : 8
عدد المساهمات : 1076
تاريخ التسجيل : 05/03/2010

الفلاحة بالأندلس في عصر المرابطين Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفلاحة بالأندلس في عصر المرابطين   الفلاحة بالأندلس في عصر المرابطين Icon_minitime2010-06-28, 15:51

:ترحيب
ترحيب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://akram.banouta.net
tamime34
عضو/ة نشيط/ة
عضو/ة نشيط/ة
tamime34


ذكر
العنوان :
المزاج : لايوجد اي مزاج
نقاط : 335
شكر خاص : 0
عدد المساهمات : 220
تاريخ التسجيل : 22/05/2010

الفلاحة بالأندلس في عصر المرابطين Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفلاحة بالأندلس في عصر المرابطين   الفلاحة بالأندلس في عصر المرابطين Icon_minitime2010-07-16, 10:50

موضوع تاريخي روعة يعرف بالفلاحة في الاندلس وقت المرابطين
دائما متميزة بمواضيعك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زهرة الجنة
مشرف / ة
مشرف / ة
زهرة الجنة


انثى
العنوان : الجزائر
نقاط : 1000
شكر خاص : 3
عدد المساهمات : 664
تاريخ التسجيل : 31/05/2010

الفلاحة بالأندلس في عصر المرابطين Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفلاحة بالأندلس في عصر المرابطين   الفلاحة بالأندلس في عصر المرابطين Icon_minitime2010-07-16, 11:52

شكرا لمروركم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ناريمان.ب
مشرف / ة
مشرف / ة



انثى
العنوان : الجزائر
المزاج : ممتاز
نقاط : 237
شكر خاص : 0
عدد المساهمات : 113
تاريخ التسجيل : 11/08/2010

الفلاحة بالأندلس في عصر المرابطين Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفلاحة بالأندلس في عصر المرابطين   الفلاحة بالأندلس في عصر المرابطين Icon_minitime2011-01-19, 18:38

بارك الله فيكي زهرة الجنة على الموضوع المميز
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://akram.banouta.net/
 
الفلاحة بالأندلس في عصر المرابطين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى فرسان الجزائر :: أدب وشعر :: التاريخ العالمي والإسلامي-
انتقل الى: